اتجهت دول الخليج مؤخراً إلى التصنيع، بالتوافق مع الرؤية الاقتصادية الطموحة لدول مجلس التعاون الخليجي في السنوات الأخيرة، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على الموارد النفطية فقط، كونها مواد غير متجددة مصيرها النفاذ. ومن هنا كان التركيز على الصناعات ضرورة قصوى للسير نحو التحول الاقتصادي بشكل سليم. لكن أثناء محاولة تطوير الصناعة، واجهت دول الخليج مشكلات عديدة من بينها؛ إدارة الطلب المتقلب والتحكم في تكاليف الإنتاج، لذلك كان عليها الاستعانة بنظام ERP، الذي يوفر وسائل عديدة لإدارة العملية الصناعية بكفاءة مثل، التصنيع للتخزين MTC، التصنيع حسب الطلب MTO، قوائم المواد BOMs، والجدولة الذكية للإنتاج. إن هذه الممارسات ليست مجرد تطبيقات. إنما هي حلول جوهرية للعراقيل التي تواجه القطاع الصناعي.
إن كلمة السر في نظام ERP هي التكامل، فَالتكامل هو نقطة القوة السحرية لديه. ففي التصنيع مثلاً يربط هذا النظام بين أقسام المصنع المختلفة، مثل الإنتاج، المخزون، الصيانة، الجودة، المشتريات وغيرها. فيما يلي نبرز أهم أدوار نظام ERP في القطاع الصناعي:
في عالم الصناعة، يبحث أصحاب المصانع عن أقصى المكاسب وتفادي الخسائر قدر الإمكان، ولذلك خُصصت بعض الاستراتيجيات لتلبية هذه الأهداف. دعونا الآن نتعرف على أهم استراتيجيتين للإنتاج، والتي يساعد نظام ERP على تطبيقهما بدقة كبيرة:
قد تبدو هذه الطريقة تقليدية وغير فعالة في كثير من الأحوال. ننصحك ألا تتسرع، لأن للأمر وجوه أخرى. في الحقيقة تمتلك هذه الاستراتيجية ميزة لا يمكن الاستهانة بها، ألا وهي سرعة التسليم، وفي عالم السرعة يبحث الكثيرون عن سرعة التسليم، ويعتبروها ميزة حقيقية ونقطة قوى في المنتج، لاسيما إذا كان يحتاج هذا الطلب في مناسبة ما أو موعد معين. لهذا تعتمد الكثير من مصانع الملابس هذه الاستراتيجية لتلبية حاجة العميل بسرعة. ويبرز هذا بصورة أوضح عند إنتاج الملابس الموسمية، التي يتصاعد الطلب عليها في مواسم معينة، مما يجعل المصنع مطالب بتلبية حاجة السوق، لتحقيق قصوى المكاسب.
لكن العيب الوحيد في هذه الاستراتيجية، هو مدة التسليم الطويلة، حيث يبدأ التصنيع بعد الطلب، لذلك العميل هنا بحاجة إلى تقبل هذا الأمر وفهمه تماماً، وإن لم يتم تنسيق هذا الأمر بين المورد والعميل، قد تُلغى العديد من الطلبيات ويأتي الأمر بصورة عكسية. من أشهر الصناعات التي تعتمد على هذه الاستراتيجية هي صناعة الطائرات والمعدات الثقيلة، حيث تتطلب عملية إنتاجها تكلفة باهظة، لا يمكن أن يتحملها المصنع، لذلك تُنتج حسب الطلب.
لإعداد وصفة معينة، يجب اتباع خطوات دقيقة، تبدأ بالمقادير ثم تمر بطريقة التحضير والتقديم. هكذا الأمر تماماً بالنسبة إلى منتجات المصانع، حيث يجب تجميع جميع المعلومات لصناعة هذا المنتج، والتي تشمل؛ مكونات المنتج، الكميات المناسبة، طريقة الصناعة وغيرها. هذا تماماً ما يُعرف بقوائم التشغيل، التي تجعل خطوات التصنيع مرتبة، وتقلل من الهدر وتزيد في الإنتاجية.
لتوضيح المقصود بقوائم الإنتاج بشكل عملي، وتكاملها مع نظام ERP، إليك المثال التالي: لنفرض أنك تريد تصنيع مضخة مياه وفقاً لنظام warehouse؛ وهو نظام يتم وفقه التصنيع والتخزين في نفس المكان، حيث يتم تخزين المواد المطلوبة للصناعة من جهة ومن جهة أخرى يتم تخزين المنتج النهائي.
لنرى الآن كيف تُعد قائمة الإنتاج لمضخة مياه؟ في البداية تُكتب قائمة مفصلة بالمواد المطلوبة للتصنيع بكميات دقيقة، للتقليل من الهدر. يحتاج صنع مضخة مياه إلى (أربع ألواح حديدية مربعة مقاومة للصدأ، 3 متر أنابيب فولاذية، محرك كهربائي بقوة 5 حصان، 500 جرام براغي وصواميل، لوحة تحكم كهربائية، لتر طلاء مقاوم للصدأ). الآن حان وقت كتابة الخطوات، التي تتلخص في (القطع والتشكيل- اللحام – توصيل الأجهزة الكهربائية بالمضخة، الطلاء- إجراء اختبار حماية – التغليف – التخزين في نفس مكان التصنيع ). يتميز هذا النوع من الصناعات، بأنه يتيح للعاملين سحب المواد مباشرةً من المخزن، ثم البدء مباشرة في التصنيع في نفس المكان، وتخزين المنتج النهائي أيضاً في ذات المكان. كل هذا يوفر الوقت، الجهد والمال.
بربط عملية التصنيع مع نظام ERP سوف يُنتج عمل احترافي، حيث تورد المواد المستخدمة في التصنيع من المخزن بشكل تلقائي.
إن هذه القوائم تساعد على تنظيم العمل، ودوران عجلة الإنتاج بشكل منطقي ومتوازن، لكن يوجد فوائد أخرى لقوائم الإنتاج، نوضحها فيما يلي:
يعمل نظام ERP على زيادة فعالية قوائم الإنتاج، حيث تعتبر جزءاً فريداً من هذا النظام، تتبع العمل بطريقة دقيقة وتكتشف الأخطاء بسرعة قصوى.
يُقصد بالجدولة الذكية للإنتاج، عملية وضع خطط تفصيلية لأوامر الإنتاج، حيث تشمل هذه الخطة كل ما يخص الإنتاج من ماكينات، عمال، مواد خام وغيرها. وتهدف هذه الجداول الذكية إلى تقليل تكاليف التصنيع، تقصير مدة التسليم، استغلال كل طاقات المصنع لإخراج أفضل صورة للمنتج. إن الفرق الأبرز بين الجدولة العادية والجدولة الذكية تتلخص في دقة المعلومات، إذ تعتمد الجدولة الذكية على خطط تفصيلية ودقيقة مبنية على معلومات صحيحة، فلا مجال للتخمينات أو التقديرات الشخصية.
تتكامل الجدولة الذكية مع نظام ERP بشكل رائع، لأن نظام ERP يعد مصدراً ممتازاً للمعلومات في الجداول الذكية الخاصة بالإنتاج. إنه يجمع بين جميع الأقسام، ويعد تقريراً مفصلاً ومحدثاً أول بأول. على سبيل المثال هو المسؤول عن معلومات الموارد البشرية، أوامر الإنتاج، قوائم الإنتاج وغيرها، لذلك الاستعانة بنظام ERP في أي مصنع مع جداول ذكياً، حتماً يحقق أقصى إنتاجية بأقل التكاليف الممكنة. إذ يعد إضافة حقيقية لأي مصنع.
كي يُطبق نظام ERP في أي مؤسسة صناعية، يجب اتباع خطوات ثابتة لتحقيق أفضل نتائج ممكنة، ولكي نفهم ونتتبع هذه الخطوات، يمكن ضرب مثال بمصنع أسمنت وخرسانة جاهزة، الذي يعد بمثابة الجوهر الأساسي لمشاريع العقارات. إليكم الخطوات بالتفصيل:
1.دراسة الوضع الحالي في المصنع، وتحليل بيانات المصنع: من الضروري أن يتم تحليل كل بيانات المصنع بدقة، سواء صيانة أدوات تجهيز الأسمنت والخرسانة، المشتريات، المخازن المُعدة خصيصاً للمواد الخام مثل الحجر الجيري، الرمل، الطين… إلخ. بالإضافة إلى المخازن الأخرى المُخصصة للمواد المضافة والمنتج النهائي.
2.اختيار نظام ERP المناسب، فهناك أنظمة متعددة، لذلك يجب شراء نظام وفقاً لاحتياجات المصنع، فإذا كان المصنع بسيطاً يمكن شراء برنامج بسيط ثم تطويره لاحقاً. كما يُنصح بشراء نظام سحابي لمصانع الأسمنت والخرسانة كي يستطيع المسؤولون متابعة كل المستجدات من أي موقع دون الحاجة إلى التواجد في المصنع.
3.دمج الإدارات المختلفة مع النظام مثل إدارة الإنتاج، الجودة، المالية.
4.تدريب العمال في مصنع الخرسانة الجاهزة على هذا النظام، عبر تخصيص دورات تدريبية شاملة.
في مؤسسات تبحث عن أقصى إنتاجية بأقل تكلفة مثل المصانع، يكون من المجدي الاستعانة بأحد أنظمة ERP. وفي ظل التطور الصناعي التي تشهده دول مجلس التعاون الخليجي، تجلت أهمية هذا النظام، الذي يدير العملية الصناعية بطريقة سلسة وذكية، ويتغلب على جميع التحديات التي واجهت القطاع الصناعي في دول حديثة العهد بالصناعة، حتى تصل إلى دول رائدة في هذا المجال.